بناها "
هيرودوس انتيباس" عام 20 م – وقيل سنة 26 م – ويظن انه بناها
على موقع " رقة " الكنعانية التي لم يبق منها حينئذ سوى قبورها
وبنى فيها " انتيباس" هياكل وحمامات ومديانا وابنية اخرى ضخمة
وجلب اليها في قناة طولها 9 اميال .
لم تذكر
مدينة طبرية الا مرةواحدة في الانجيل ومع انها كانت مدينة ذات
شان في ايام المسيح فلا يقال انه زاراها.
وبعد ان احرق
" تيطس " القدس سنة 70 م وحرم على اليهود سكناها سمح لها
بالاقامة في طبرية فاستقر فيها احبارهم وعلماء دينهم حتى اصبحت
مركزا شهير للتعليم الديني وفي طبرية جمعت " المنشنه" وقسم
كبير من " الجمارة " : القسمان اللذان يتالف منهما التلمود " .
طبرية بيد
العرب المسلمين
استولى
شرحبيل بن حسنة على طبرية وغيرها من النواحي المجاورة سنة 13
هـ : 634 م .
وكان طبربة
بعد الفتح الاسلامي عاصمة لـ (جند الاردن ) الذي كان يضرب
المثل بجنانه فيقال جنان كجنان الاردن ومن مدن ( الجند )
المذكور قدس وصور وعكا واللجون كابل وبيسان ودرعا وغيرها .
ومن القبائل
العربية التي نزل طبرية قوم من " الاشعرين وكانوا الغالبين
فيها وبنوا الاشعر بطن من كهلان من القحطانية وسمي " الاشعر"
لان امه ولدته وهو اشعر وينسب اليهم " ابو موسى الاشعري"
الصحابي المعروف.
ومن
الاشعريين الذي ينسبون الى طبرية : (1) عبد الله بن يسار فقد
كان كاتبا ووزيرا لبني امية وقد مر ذكره في ج1 ق1 من هذا
الكتاب (2) ولده معاوية (3) الحسن بن علي الشعراني مما سناتي
على ذكرهما بعد قليل .
كما نزل
طبرية جماعة من " لحم " ومنهم ظهر " سليمان بن احمد اللخمي "
الاتي ذكر وفخذ من قبيلة جذام كانت قد انتشرت ايضا حتى "
اللجون " و " اليامون " والى ناحية عكا وغيرهم من القبائل
العربية .
* * *
ومما هو جدير
بالذكر ان العرب في الجاهلية كانوا يتعاملون مع الرومان في
معظم تجاراتهم بالدراهم الطبرانية العتق التي كانت تضرب في
مدينة طبرية وكانت زنة الدرهم الطبراني ثمانية دوانيق وقيل
اربعة دوانيق.
وفي مطلع
استيلاء المسلمين على طبرية ضرب خالد بن الوليد في السنة
الخامسة عشرة للهجرة فيها الدراهم الاسلامية فكانت على رسم
الدراهم ارومية تماما وعلى احد وجهين اسم " خالد " بالاحرف
اليونانية . وفي عام ثلاثين للهجرة ارسل الخليفة " عثمان بن
عفان" الى طبرية مصحفا منقولا عن " مصفف عثمان " ليكون
الاعتماد عليه كما ارسل مثله الى دمشق والى الامصار في
الاقطار الاسلامية .
وفي سنة 492
هـ نقل الاتابك ( طغتكين) المار ذكر المصحف المذكور من طبرية
خوفا عليه الى دمشق.
طبرية في نظر
الرحالة الذين زاروها قبل حروب الفرنجة
تقع طبرية
على طريق القوافل التجارية السائرة بي دمشق ومصر لسهولة طريقا
والمنازل الواقعة على الطريق المذكور هي : دمشق – الكسوة –
جاسم– فيق ـ طبرية – اللجون – قلنسوة – الرملة – ازدود (
اسدود) – غزة – رفح –سيناء ثم مصر.
وهناك طريق
تصل دمشق بمصر مارة بطبرية وهي : دمشق – بعلبك – عين الجر–
الفرعون – العبيون – كفر ليلى – طبرية ومنها تفترق الطريق الى
الرملة فرقتين : من طبرية الى اللجون والطريق الاخر الى بيسان
ثم منها الى اللجون فوادي عار – قلنسوة – الرملة – غزة رفح –
سيناء ومصر.
وقد وصف
المؤرخون والرحالة طبرية بانها قصبة الاردن ومدينته الكبرى :
وانها موضوعة بين الجبل والبحيرة طولها نحو فرسخ قليلة العرض
وذكروا مياهها الحارة فقال الاصطخري المتوفى عام 346 هـ : 957
م في هذا الصدد : " وبها عيون جارية حارة ومستنبطها نحو فرسخين
من المدينة فاذا انتهى الماء الى المدينة على ما دخله الفتور
لطول السير اذا طرحت فيه الجلود تمغطت لحره لايمكن اتسعماله
الا بالمزج ويعم هذا لماء حماماتهم وحياضهم ".
ومن طريق ما
ذكره ناصر خسرو ان " لطبرية مبان كثيرة في وسط البحر فان قاعه
صخري وقد شيدت هناك مناظر على رؤوس اعمدة رخامية اساسها في
الماء" .
واشتهرت
مدينة طبرية بتجارة شقاق المطارح والكاغد والبز وفي صناعة
الحصر ومنه ر الصلاة وتشتري الواحدة بخمسة جنيهات مغربية واهل
طبرية شيعة.
وللمقدسي
الذي عاش في القرن الرابع الهجري _ العاشر الميلادي – وصف شامل
لطبرية فقال : (طبرية بلد وادي كنعان … ضيقة كربة في الصيف
مؤذية سوقها من الدرب الى الدرب والمقابر على الجبل بها ثماني
حمامات بلا وقيد ومياض عدة حارة المياه والجامع في السوق في
كبير سن قد فرش ارضه بالحصى على اساطين حجارة موصولة .
ويقال ان اهل
طبرية شهرية يرقصون وشهرين يقمقمون وشهرين يقاقفون وشهرين عراة
وشهرين يزمرون وشهرين يخوضون يعني يرقصون من كثرة البراغيث
ويلوكون ويطردون الزنابير عن اللحم والفواكه بالمذاب وعراة من
شدة الوحل ويمصون قصب السكر ويخوضون الوحل ).
وبعد زيارة
المقدسي لطبرية بقرن مر بها ناصر خسرو ويسجل مشاهداته فيها في
كتاب المسمى " سفر نامة " أي قصة الغر بقوله :
(ولطبرية سور
حصين يبدا من شاطىء البحر ويمتد حول المدينة والطرف المحدود في
البحر لا حائط له وفي بحر طبرية سمك كثير ومسجد الجمعة في وسط
المدينة وعند بابه عين ماء بني عند راسها حمام ماؤه ساخن فلا
يستطيع مستحم ان يصبه على جسده من غيره ان يمزجه بماء بارد وقد
دخلته وفي الجانب الغربي من مدينة طبرية مسجد اسمه " مسجد
الياسمين" وهو مسجد جميل في وسطه ساحة كبيرة بها محاريب وحولا
الياسمين الذي سمي به المسجد وتحت هذه الساحة قبور سبعين نبي
قتلهم بنو اسرائيل).
No comments:
Post a Comment